dimanche 6 novembre 2011

نقد و دراسات قرآنية

دراسة نقدية سباعية لبعض آيات القرآن

د. نـــور الـــعلوي

دراسة نقدية لبعض آيات القرآن

من منا لم يفتح تلفازه على" قنوات الصحوة الإسلامية" ولم يسمع قولا شبيها بهذا :

تالله , إنه ليس بلفظ بشر
إنه لفظ خفيف , لو وضعته في قفص لطار , وإنه تالله لثقيل لو وضعته على الجبل لرأيته على الأرض مُنهار.
إنه أوجز لفظ
وأعجز أسلوب
في بلاغته لا يُضاهى
و نحن به على أمم الأرض نتباهى.

لا دعي للسؤال عن طبيعة الجسم الفضائي الذي يتكلمون عنه , من شدة استماعنا لهذا الكلام ندرك و لأول وهلة أنهم يعنون القرآن العظيم .
لا ينكر عاقل أن القرآن كتاب موسيقي سلس وجميل ولا ينكر الدارس المنصف أن به آيات بليغات بالغات الجمال .
لكن يعلم الموضوعي الذي يُـقبل بالذهن الخالي من الغرض أنها( أي الآيات ) ليست كلها كأسنان المشط , فليس" كل أخضر حشيش" ولا " كل طويل بناية في نيورك" وليس كل ما بين دفتي القرآن العظيم عظيما وبليغا وبالغ الجمال .
نجد على سبيل المثال
الإمام فخر الدين الرازي يقول :
" وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلوب , والسلامة من جميع العيوب "
انتهى.
ثلاثية( الفصاحة , والسلامة من العيوب , وغرابة الأسلوب ) هي دليل الإعجاز لهذا أرى نفسي مجبرا على التقيد بهذه المعايير في بحثي هذا .

1- القرآن على ضوء المعيار الأول: الفصاحة والسلامة من العيوب ( ندمج الشرطين معا )
----------------------
ما الفصاحة ؟
الفصاحة طريقة في الكلام والكتابة وضم الكلمات مع بعضها البعض بحيث يُـبلغ المرء ما في قلبه , نهاية مراده , المُضمر من أفكاره , أي يبلغ للمنعى و يصل إليه فلا يحتاج المـُتـَلقي إلى تقليب كلامه من كل جانب قصد تفسيره .
فلو قلت لك
" صعدت مكانا عاليا فألقيت ثم عدت مسرعا خوفا من الشرطة "
الجملة غير بليغة لأنها مبهمة , فلا نعلم ما الذي ألقيت ولا عن أي مكان عالي أتكلم , والإبهام عدم الإبانة , و هذه تقيصة , والنقيصة لا تليق بذات مطلقة إلهية .
سنضرب سبعة أمثلة لآيات مبهمة ( رقم سبعة مقدس في الثقافة السامية ! ) , والإبهام ليس زوال المعنى وإنما الحاجة للتأويل قصد التفسير .

المثال الأول
---------
" ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه بالإنجيل . وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) . فما رعوها حق رعايتها . فآتينا الذين آمنو منهم أجراهم . وكثير مهم فاسقون " سورة الحديد

ما معنى الآية التي بين قوسين أعلاه
1-" ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله " آية واضحة تبين أن الرهبانية كتبها الله عليهم لغرض ابتغاء مرضاته لكن الذي يدهشنا أننا نقرأء في نفس الوقت أنهم " ابتدعوها " !
فهل ابتدعوها , وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أم كتبها الله عليهم ابتغاء مرضاته ؟
المفسرون حلوا المشكلة بجرة قلم بإضافة جملة مقدرة ومن رؤوسهم هكذا
" ابتدعوها ما كتبناها عليهم (لكن فعلوها ) إلا ابتغاء رضوان الله " !
انظرالزمخشري كيف يحرف الكلام عن مواضعه :
" وابتدعوا رهبانية { ٱبتَدَعُوهَا } يعني: وأحدثوها من عند أنفسهم ونذروها { مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ } لم نفرضها نحن عليهم { إِلاَّ ٱبْتِغَاءَ رِضْوٰنِ ٱللَّهِ } استثناء منقطع، أي: ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله "
نعم , ما أسهل أن نحول الكلام ونحرفه ونفلبه من كل جانب حتى نعطيه معنى بعد أن لم يكن له معنى أو قل المعنى المرجو !
فإذا قلت لك
" ما أعطيتك نقودا إلا لتشتري بها كتابا " فهل سيخرج علينا أحد المتحذلقين ببدعة الإستثناء المنقطع وما إلى ذالك من تحريف الكلم عن مواضعه !
فالتفسير الموضوعي لهذه الآية يقضي أن ربهم كتب عليهم الرهبانية لهدف ابتغاء مرضاته لكنهم (أي النصارى ) ابتدعوا فيها أشياء وأحدثوا في أمرها أمورا ( مثل الإمتناع عن إتيان النساء أو الزواج ) , هذا قد يُـبدد نوعا ما الغموض , لكن تبقى الآية ركيكة , فلا نقول ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله , فلو قصد القرآن حقا ما قصده المفسرون في تفسيرهم لكان عليه أن يقول " ورهبانية ابتدعوها ابتغاء مرضاة الله ما كتبناها عليهم " فما الحاجة لنكتة أو " لبلاغة " الإستثناء المنقطع التي خرج لنا بها بعض المرقعين الذين لا شغل لهم في الحياة غير الضحك على اللحى ! .



المثال الثاني :
--------
سورة الحديد آية 28 _29 :
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم
لئــــلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شىء من فضل الله وأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظبم
--
هذه الآية تخبر بأن الله سيهب لمن يؤمن به وبنبيه نصيبين من الرحمة بل سيزيده أكثر عطاءا , سيسلط عليه من نوره ليهتدي فلا يظل أبدا .
حسنا , لكن لماذا كل هذا العطاء من الرب المِعْطَـاء ؟
الجواب في بقية الآية :
" لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شىء من فضل الله وأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظبم "
لم أفهم ؟ قرأت وأعدت القراءة مرارا وتكرارا لكن بدون نتيجة
لماذا يقــول : " لئلا" يعلم ؟ لماذا لام النـــــــفي
هل يعطي الله المؤمنين به وبنبيه ضعفين من الرحمة ويمنحهم من عنده عطاءا غير ممنون ويتفضل عليهم بنوره , كل هذا السخاء فقط حتى لا يعلم أهل الكتاب أن الله هو المسؤول عن إعطاء الفضل ؟!!
ما العلاقة بين هذا وذاك يا ربي الحكيم ؟
وما الفائدة من هذا يا ربي ؟
سأعود للعارفين بكتابك, للدراسين له في أناء الليل و أطراف النهار علي أجد لأمري مخرجا
يقول الإمام الواحدي في تفسيره لهذه الآية :
" آية مشــــكلة "

يقول الإمام بسام الجرار :
" آية تختم بها سورة الحديد أشكلت على عامة العلماء "

يقول الإمام الماوردي :
"{ لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ } قال الأخفش: معناه ليعلم أهل الكتاب وأن " لا " صلة زائدة وقال الفراء: لأنْ لا يعلم أهل الكتاب و " لا " صلة زائدة في كلام دخل عليه جحد."
المعنى إذن لــــيعلم وليس لئـــلا يعلم . فبمجرد حذف لام النفي حتى صار الكلام واضحا جليا .
لكن إذا كان كلامك يارب واضــحا بدون اللام فإنه ليس واضحا بوجودها كما رأينا.
ولتفسير ذالك قالو أن اللام زائدة , يعني بعبارة أخرى لا قيمة لها فأنت يا ربي الحكيم زدتها فقط لغرض التجميل والتزين , وكأنها " ماكياج" !
هل في كلامك يا رب زيادة ؟
قالو صلة زائــــــــــــــــــــــــــــــــــدة !!!
هل يزيد الله في كلامه ما يُشــــكِل على الناس , لا بل ما أشكل على العلماء كما راينا سابقا في شهادة " بسام الجرار" و" الواحـــدي"

هل يقولون أن في كلام الخالق حشــــوا و زيادة ضارة تُُـشكل على الناس , وتُخلط حتى على علماءهم فما بالك بالعامة الدهماء ؟

الشيخ الجليل الشوكاني(1250 هـ) في كتابه العظيم .." تفسير فتح القدير"..
" " لا " في قوله: { لّئَلاَّ } زائــــــــــــــــــــــــدة للتوكيد، قاله الفراء، والأخفش، وغيرهما، والمعنى: ليعلم أهل الكتاب
وقرأ ابن مسعود: (لكيلا يعلم)
وقرأ خطاب بن عبد الله: (لأن يعلم)
وقرأ عكرمة: (ليعلم) "

تؤكد ماذا هذه الزيادة يا شيخنا ؟ للتوكيد عن ماذا ؟ !!!
ما بالنا نرى القوم يقرأها" ليعلم " و"لكيلا يعلم" والآخر يقرأها لأن يعلم ؟
فهل" أنزلت" لئلا يعلم أم خلط فيها النساخ ؟

إمام المفسرين .......ابن جـــــــــــرير الطبري.......
" وذكر أن في قراءة ابن مسعود "لكـــــــــــــي يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون"

إمام المفسيرين......ابن كثير.............
"وقد ذكر عن ابن مسعود أنه قرأها لــــــــــــــــــــكي يعلم ".

ألا يوجد من العلماء من نفى عن الله تهمة الزيادة والحشوا ؟
قد وجت واحدا ليس على رأي الجمهور في أمر الزيادة المخزي ..إنه :
العالم الجليل.....ابن عاشــــــــــــــــــــــور
يقول هذا العالم :
"إن دعوة زيادة لا , لا داعـــي لها ,ان بقاءها على معناها وهو النفي متعين ,اي أعطيناكم هذا الفضل وحرم منه أهل الكتاب
فبقي أهل الكتاب في جهلهم وغروروهم بأن لهم الفضل المستمر ولا يحصل لهم علم بانتفاء أن يكونوا يملكون فضل الله "

ابن عاشور يقول أنك أنت الرحيم بل ارحم مـِن الأم بولدها ! , مُحب العباد تعطي المؤمنين بك كفلين من رحمتك وتـتـــــــــعمد إبقاء أهل الكتاب في جـــــهل مدقع وكل هذا رحمة منك سبحانك وحب ولطف و عناية تفوق عناية الأم بولدها وحرص الأب على سلامة ابنه !!!!!

فرأيت أن أرى شيخا آخر أكثر منطقية و أقل حدة وغلظة
الشيخ بســـــــــام الجرار ثانية
قلت يا شيخنا , هل في كلام ربك زيادة وحشو و إطناب وأذناب بلا أسباب؟
قال :
" تذهب غالبية العلماء من أهل التفسير ان لا زائدة فيكون بهذا المعنى ليــــــعلم , والقول بالزيادة غير مقبول في كتاب الله ومن يقول بالزيادة يكون قد أعلن عن عجزه عن فهم المعنى " انتهى .
نعم يا شيخ تالله أصبت و قلت حقا فالزيادة غير مقبولة
ولما سألته ما التفسير إذن ؟
أعطاني نفس تفسير ابن عاشور تقريبا أو أكثر حدة و غِلظة و قسوة لا تليق برب رحيم حنون تفوق رحمته رحمة الأم بولدها كما يدعون !
ننقل كلامه :
" وعليه يكون المعنى: إذا اتقيتم الله وآمنتم برسوله يؤتكم نصيبين مكفولين هما من رحمته سبحانه؛ ضمانة ينتج عنها عدم قدرة أهل الكتاب على معرفة حقيقة عجزهم عن منع فضل الله أن يناله المؤمنون. وضمانة ينتج عنها جهل أهل الكتاب بحقيقة أنّ الفضل كله بيد الله " انتهى . ( المصدر أسفل الصفحة )
يا سلام على رب الرحمة , ضمانة يعطيها الله للأتقياء بأن يبقي أهل الكتاب على الجهل , كيف " سيتوبوا " إذن إذا أبقاهم في جهلهم هذا ؟ بل هذا سيجعلهم يُصرون على معتقدهم !
و أخيرا سألت نفسي عندما قرأت الآية 165 من سورة النساء :

" رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ "
فلم أرى من علماء ربي من قال بالزيادة في هذه الآية ولم يتهمه أحد بالحشو في كلامه, بل عمدوا مفسرين لها قائلين :
" الله يرسل أنبيائة حتى لا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة "
ومن هنا نتساءل : وفقا لأي معيار وعلى أي أساس قالوا بالزيادة في الآية 28 من سورة الحديد ؟
أليست لئلا في سورة الحديد هي نفسها لئلا في سورة المائدة ؟
أم لكل مقام مقال وللضرورة أحكام وللترقيع كلام غير الكلام وللتكلف حجج واهيات بغير إحجام أم ليس الكذب " في سبيل الله " عندكم من الآثام , فقولوا لي يا خير الأنام : أهو الخوف من نار ذات لهب وألام ,أم إنه استرزاق اللئـام ؟ .
الآية لا معنى لها إلا بحذف اللام النشاز وإلا فهي ليست فصيحة وبها عَيْب مَعابُ مَعْيُوبٌ مَعِـيبُ عَيَّابُ مُـــعَابُ .

االمثال الثالث :
--------
" يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون "
الروم 7
ما وجه تكرار ال "هم " مرتين هنا ؟ ألم يكن من اللائق حفاظا على ريق الأئمة في المساجد أثناء صلاة التروايح الطوال أن يقال " يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون "
وهذا من العيوب كذالك يا سيدي الرازي

المثال الرابع :
--------
" والزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زاني أو مشرك وحرم ذالك على المؤمنين " سورة النور
هذه الآية من أشد الآيات غموضا ومن أصعبها استحقاقا وقد أفرد لها ابن تيمية صفحات في كتابه " آيات أشكلت "
لا نعلم هل الفعل نكح هنا بمعنى الوطء أو الزواج وتفسيرها صعب لن نتعرض له هنا لكن سندرج له موضوعا عن قريب وننشره .

المثال الخامس :
--------
"
{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ} سورة ص (34)

هذا الآية أسالت لعاب المفسرين الذين لهم ميل "جيـني " للتأويل الأسطوري , و فتحت شهية كل من له مخيال واسع يحتوي العقلاني و الخرافي واحد .
هذه من الألغاز التي لم أجد لها مخرجا , فالمعنى بقى كله في صدر صاحبه , لا أقول أن الآية ليس لها معنى , لكن طمس صاحبها معالمها ولم يفصح إلا عن القليل بجملة غير بليغة ’ , قد يخرج لنا أي مفسر بتأويل , قد يستحسنه العقل أو ينبذه , لكن المهم أن الآية غامضة بنصها وهي تحتاج لألف تفسير وتأويل
أسئلة عديدة تفرض نفسها :
ما الذي ألقى على الكرسي ؟ أي جسد ؟ حي أم ميت ؟
هذه الآية هي أساس أسطورة خاتم سليمان المشهورة .

نقرأ في جامع الأحكام للقرطبي :
" قيل: شيطان في قول أكثر أهل التفسير؛ ألقى الله شبه سليمان عليه السلام عليه، واسمه صخر بن عمير صاحب البحر،"وقال سعيد بن المسيّب: كان سليمان قد وضع خاتمه تحت فراشه، فأخذه الشيطان من تحته. وقال مجاهد:أخذه الشيطان من يد سليمان؛ لأن سليمان سأل الشيطان وكان اسمه آصف: كيف تضلون الناس؟ فقال له الشيطان: أعطني خاتمك حتى أخبرك.فأعطاه خاتمه، فلما أخذ الشيطان الخاتم جلس على كرسيّ سليمان، متشبهاً بصورته، داخلاً على نسائه، يقضي بغير الحق، ويأمر بغير الصواب . وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: بينما سليمان على شاطىء البحر وهو يعبث بخاتمه، إذ سقط منه في البحر وكان ملكه في خاتمه "

من يصدق فكر خرافي كهذا ؟ ومن وراء هذا المخيال الأسطوري ؟ أليس غموض الآية التي فتحت باب التأويل و حثت المخيلة البدوية على انتاج الهرطقات الفكرية والدينية , وفتح نافذة عريضة تدخل منها الإسرائليات أفواجا لكتب التفسير .
كل مفسر يغني بقيتارته حول موضوع الجسد , فمن المعاصرين من جعله إنسانا بلا حكمة ولا عقل تولى مقاليد السلطة قتنة لسليمان لكن هذا الرأي يخالف صميم القرآن الذي يعطي تعريفا مغايرا للجسد حين يقول :
" الأعراف148
وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداًلَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ"
العجل هنا مصنوع من ذهب من حلي اليهود المسروقة من المصرين , فهو إذن جسد جماد وبهذا لا يستطيع أن يكون إنسان أصلا
كما نقرأ في آية أخرى :
الأنبياء8 :
" وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ "
الكلام عن الأنبياء أي أنهم لم يخلقوا مجرد أجساد لا تأكل الطعام مما يدل أن الجسد في القرآن هو مجرد جماد .
أما بالنسبة للأصل الميثولوجي للأسطورة فنجده في قصص الهاغاداه اليهودية مع الشيطان أزموداوس
عن كتاب :أساطير اليهود للويس جنزبرك ..
" بالإضافة إلى ذلك أعلمتهم( أي أعضاء السنهدرين اليهودي ) زوجات سليمان "وأمه بتشبع" بأن تصرفات الملك قد تغيرت تماما وأنها لا تلائم المقام الملكي وأنها لا تشابه عادات سليمان السابقة على الإطلاق. كان من الغريب جدا أن الملك لم يسمح بأي شكل من الأشكال أن تُرى قدمه, خشية بالطبع من فضح أصله الشيطاني. لذلك أعطى السنهدرين خاتم الملك السحري للمتسول المتشرد التي أسمى نفسه الملك سليمان, وأمروه بأن يمثل أمام المدعي الجالس على العرش. ما إن لمح أزموداوس الملك الحقيقي محميا بخاتمه السحري, حتى طار بعيدا فجأة. "
ومن هنا ندرك أن الموروث الثقافي اليهودي قد ستلل للقرآن فليس الجسد إلا الشيطان أزموداوس .


المثال السادس :
---------
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (الأعراف 12).

هذا حوار كان أحد طرفيه" الخير المطلق " الله والآخر نقيضه المطلق الشيطان , مع أننا لا نستطيع أن نفسر التقاء المتناقضات بهذه البساطة ولا نستطيع أن نفهم كيف للـشر المطلق المسمى " شيطان " أن يكون من صنع الخير المطلق المسمى " الله " ولا كيف يسمح هذا الأخير للشيطان أن يعثي في الأرض فسادا , لكن سنتجاوز هذا الإشكال لما هو أصعب , قريب للنظر بعيد عن العقل ألا وهو معنى الآية بكل بساطة
الإشكال في الآية يكمن في الفعل "منع" أو في لام" ألا تسجد " .

ما الذي منعك من أن لا تسجد يعني بعبارة أخرى ما الذي حثك على السجود ! لأنه من منعك عن "عدم القيام بأمر" فقد حثك على القيام به !
مشكلة سلب -سلب تعطي موجب بالضرورة . ولا نعرف كيف تسللت هذه اللام الغريبة للنص , هل هذا من غفلة الكاتب الذي لم ينتبه للفعل " منع" أم أنها من عمل النساخ ؟
ونلا حظ في تفسير(جامع الأحكام ) للفاضل القرطبي :

" أَيْ مِنْ أَنْ تَسْجُد . وَ " لَا " زَائِدَة . وَفِي ص " مَا مَنَعَك أَنْ تَسْجُد " [ ص : 75 ]

وَقِيلَ : ليْسَتْ بِزَائِدَةٍ ; فَإِنَّ الْمَنْع فِيهِ طَرَف مِنْ الْقَوْل وَالدُّعَاء , فَكَأَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَالَ لَك أَلَّا تَسْجُد ؟ أَوْ مَنْ دَعَاك إِلَى أَلَّا تَسْجُد ؟ كَمَا تَقُول : قَدْ قُلْت لَك أَلَّا تَفْعَل كَذَا .

وَقِيلَ : فِي الْكَلَام حَذْف , وَالتَّقْدِير : مَا مَنَعَك مِنْ الطَّاعَة وَأَحْوَجَك إِلَى أَلَّا تَسْجُد . قَالَ الْعُلَمَاء : الَّذِي أَحْوَجَهُ إِلَى تَرْك السُّجُود هُوَ الْكِبْر وَالْحَسَد ; وَكَانَ أَضْمَرَ ذَلِكَ فِي نَفْسه إِذَا أُمِرَ بِذَلِكَ " انتهى الإقتباس .

فنرى القرطبي حائرا تماما , فمرة يقول أنها زائدة بمعنى "ما منعك أن تسجد ", ومرة يقول أنها ليست زائدة " مَنْ دَعَاك إِلَى أَلَّا تَسْجُد ؟ " و باستبدال الفعل "منع" بالفعل " دعى " حل القرطبي مشكلة سلب - سلب
الغريب أن نفس الآية في " سورة ص " مَا مَنَعَك أَنْ تَسْجُد " [ ص : 75 ] " سليمة البنية وليس فيها أي إشكال .
فهل هذا ليس عيب معيوب مَعَاب مَعيب ؟ ليس للآية معنى بـ "لامها " إلا بالتكلف و " التدليس التقي " على حسب مقولة " فولتير" للكهنوت المسيحي الذي غيَّر بعض من كلام المؤرخ " يسيفوس اليهودي " حتى يلائم مذهبه .

المثال السابع :
--------
حوار بين موسى وفرعون
" ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ؟ وفعلت من فعلتك التي فعلت , قال فعلتها ...ففرت مكم لما خفتكم , فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين .وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بتي إسرائيل "
(18/26_23)
وطبعا من المستحيل أن يكون لهذا الكلام معنى واضح ، كيف يكون تعبيد بني إسرائيل نعمة؟!! .. وهذا جلي في كتاب جامع الأحكام للقرطبي :
" اختلف الناس في معنى هذا الكلام " !

فإذا محصنا في كتب التفسير وجدنا أهل العربية يتخبطون بين فريق يقول أن موسى يستنكر على فرعون بالإستفهام كمن يقول " أو تلك نعمة تمنها علي أن عبدت أهلي وعشيرتي ؟ " و في المقابل نجد فريقا آخر يستنكر على الأول فكرته تلك بحجة أن الإستفهام يحتاج " لألف " وآخرون يحاولون إثبات أن الإستفهام قد لا يـُحذف فيه الألف ......... وهكذا دواليك ولا نرى وجها لحذف الألف في استفهام يتطلب" الألف" لاكتمال المعنى , عجبا لقرآن يزيد حروفا في كثير من الآيات وهي زيادة مشوشة ومن غير هدف بل زيادة مخلة بالمعنى مثل ما رأينا أعلاه , قلت عجبا لقرآن يزيد ويحشو ويطنب في آيات و يبخل بحرف واحد لاستفاء المعنى في آيات أخر ؟ !!!!! فهل حرف الألف في آيتـنا هذه ثقيل حتى يبخل به رب العالمين ؟.
تراهم يَحْـتَـجُّـون بشِعر فلان وعلان , وكأن كلام الله لا يفهم إلا بكلام الفرزدق و الأخطل !
ليس لهذه الآية من معنى إلا بالتكلف أو بإضافة ألف استفهام أسقطها النساخ عن غفلة من أمرهم ، لأن التعبيد لا يمكن أن يكون نعمة

2- معيار الغرابة :
-----------
يدعي الرازي أن القرآن معجز لأنه غريب في أسلوبه
ولنا أن ننقل في هذا الصدد سجع مسيلمة ابن حبيب :

كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج2 ص 200
والمبذرات زرعا
والحاصدات حصدا (1) والذاريات قمحا (2) والطاحنات طحنا(3) والخابزات خبزا (4) والثاردات ثردا (5) واللاقامات لقما(5) إهالة وسمنا(6) لقد فضلتم على أهل الوبر(6) وما سبقكم أهل المدر(7) ريفكم فامنعوه (8) والمعتر فآووه والباغي فناوئوه .

كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج 2 ص 276
وقال :
لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت قلت لهم @ لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون (2) ولكنكم معشر أبرار تصومون يوما وتكلفون يوما (3) فسبحان الله إذا جاءت الحياة كيف تحيون (4) وإلى ملك السماء ترقون(5) فلو أنها حبة خردلة لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور ولأكثر الناس فيها الثبور.

كتاب تاريخ الرسل والملوك للطبرى ج 2 ص 270-271
و قال
أوحي إلي أن الله خلق النساء أفراجا / وجعل الرجال لهن أزواجا / فنولج فيهن قعسا إيلاجا / ثم نخرجها إذا نشاء إخراجا / فينتجن لنا سخالا إنتاجا
ونجد نفس الأسلوب عند القس ساعدة
الألوسي : بلوغ الأرب ، ج2 ، ص 244 خطبة للقس بن ساعدة
خطبته المشهورة التي قالها بسوق عكاظ
يرويه المسعودي، قال: قدم وفد من إياد على النبي فسألهم عن قُس بن ساعدة, قالوا: هلك , فقال: رحمه الله كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل له أحمر وهو يقول:

" أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا ، من عاش مات ، ومن مات فات ، وكل ما هو آت آت ، أما بعد فإن في السماء لخبراً وإن في الأرض لعبراً? نجوم تُمور ، وبحار تغور ، وسقف مرفوع ، ومهاد موضوع ، وأقسم قُس قَسماً لا حانثاً فيه ولا آثماً إن - لدِينا هو أرضى من دين أنتم عليه, مالي أراهم يذهبون ولا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا أم تَُركوا فناموا، سبيل مؤتلف ، وعمل مختلف, "
فهل القرآن يختلف أسلوبه عن أسلوب ساعدة وابن حبيب ؟ لا نرى غرابة في السجع !
أخيرا ما هذه إلا نماذج ذكرت على عجلة , و لا أريد أن أثقل أكثر بنماذج أخرى حتى لا يمل القارىء , فهل صدق الرازي يا ترى ؟

شكرا.