جمل مبتورة لا تفيد خبرا أتى بإسم إن ونسى خبرها !! - الحج 25

جمل مبتورة لا تفيد خبرا

أتى بإسم إن ونسى خبرها !!

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ

الحج 25

فى هذه الاية نلاحظ انها بدأت ب "إن " ثم جاءت باسم إن :

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي ,

وتنتظر خبر إن فلا تجده !

جملة مبتورة لا تفيد خبرا , يبدو ان كاتبها كان مشوش الفكر تزاحمت الافكار فى رأسه

فبدأ شيئا , حديثه عن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله , وفى الطريق ذكر شيئأ آخر , حديثه عن المسجد الحرام , فنسى الشئ الاول ولم يأت له بخبر!!

ولقد أدرك العلماء هذا الخلل البنائى فى تكوين الجملة وتبعاته البلاغية , وكعادتهم أخذوا يتخبطون فى تأويلاتهم لايجاد حلول سحرية تخرجهم من هذا المأزق.

فقال بعضهم ان خبر " إن " هو " َيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" باعتبار ان الواو زائدة !! : " وَقِيلَ : الْوَاو زَائِدَة " وَيَصُدُّونَ " خَبَر " إِنَّ " تفسير القرطبى

وتصدى لهذا التلفيق فريق آخر وفضح زيفه وقالوا ان هذا مفسد للمعنى المقصود ! : " وَقِيلَ : الْوَاو زَائِدَة " وَيَصُدُّونَ " خَبَر " إِنَّ " . وَهَذَا مُفْسِد لِلْمَعْنَى الْمَقْصُود" تفسير القرطبى

فما الصواب؟ قالوا ان خبر إن محذوف وتقديره : خسروا اذا هلكوا !! : " وَإِنَّمَا الْخَبَر مَحْذُوف مُقَدَّر عِنْد قَوْله ( وَالْبَادِ ) تَقْدِيره : خَسِرُوا إِذَا هَلَكُوا" تفسير القرطبى .

ولا ندرى ما الحكمة أن يحذف الله خبر إن ويترك الناس حيارى يتخبطون فى تخمين المعنى ؟

وفريق آخر قال ان خبر إن هو : نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ , وهذا ما قاله الجلالين , وفند آخرون هذا الرأى فقالوا ان هذا غلط : " قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا غَلَط , وَلَسْت أَعْرِف مَا الْوَجْه فِيهِ ; لِأَنَّهُ جَاءَ بِخَبَرِ " إِنَّ " جَزْمًا , وَأَيْضًا فَإِنَّهُ جَوَاب الشَّرْط , وَلَوْ كَانَ خَبَر " إِنَّ " لَبَقِيَ الشَّرْط بِلَا جَوَاب , وَلَا سِيَّمَا وَالْفِعْل الَّذِي فِي الشَّرْط مُسْتَقْبَل فَلَا بُدّ لَهُ مِنْ جَوَاب ." تفسير القرطبى

النص الكامل لتفاسير الجلالين والقرطبى

الجلالين

"إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه" طَاعَته "وَ" عَنِ "الْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي جَعَلْنَاهُ" مَنْسَكًا وَمُتَعَبَّدًا "لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِف" الْمُقِيم "فِيهِ وَالْبَادِي" الطَّارِئ "وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ" الْبَاء زَائِدَة "بِظُلْمٍ" أَيْ بِسَبَبِهِ بِأَنْ ارْتَكَبَ مَنْهِيًّا وَلَوْ شَتَمَ الْخَادِمَ "نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم : أَيْ بَعْضه وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذ خَبَر إنَّ : أَيْ نُذِيقهُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم

القرطبى

أَعَادَ الْكَلَام إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَب حِين صَدُّوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام عَام الْحُدَيْبِيَة , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُعْلَم لَهُمْ صَدّ قَبْل ذَلِكَ الْجَمْع ; إِلَّا أَنْ يُرِيد صَدّهمْ لِأَفْرَادٍ مِنْ النَّاس , فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صَدْر الْمَبْعَث . وَالصَّدّ : الْمَنْع ; أَيْ وَهُمْ يَصُدُّونَ . وَبِهَذَا حَسُنَ عَطْف الْمُسْتَقْبَل عَلَى الْمَاضِي . وَقِيلَ : الْوَاو زَائِدَة " وَيَصُدُّونَ " خَبَر " إِنَّ " . وَهَذَا مُفْسِد لِلْمَعْنَى الْمَقْصُود , وَإِنَّمَا الْخَبَر مَحْذُوف مُقَدَّر عِنْد قَوْله ( وَالْبَادِ ) تَقْدِيره : خَسِرُوا إِذَا هَلَكُوا . وَجَاءَ " وَيَصُدُّونَ " مُسْتَقْبَلًا إِذْ هُوَ فِعْل يُدِيمُونَهُ ; كَمَا جَاءَ قَوْله تَعَالَى : " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنّ قُلُوبهمْ بِذِكْرِ اللَّه " [ الرَّعْد : 28 ] ; فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ شَأْنهمْ الصَّدّ . وَلَوْ قَالَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا لَجَازَ . قَالَ النَّحَّاس : وَفِي كِتَابِي عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ وَجَائِز أَنْ يَكُون - وَهُوَ الْوَجْه - الْخَبَر " نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا غَلَط , وَلَسْت أَعْرِف مَا الْوَجْه فِيهِ ; لِأَنَّهُ جَاءَ بِخَبَرِ " إِنَّ " جَزْمًا , وَأَيْضًا فَإِنَّهُ جَوَاب الشَّرْط , وَلَوْ كَانَ خَبَر " إِنَّ " لَبَقِيَ الشَّرْط بِلَا جَوَاب , وَلَا سِيَّمَا وَالْفِعْل الَّذِي فِي الشَّرْط مُسْتَقْبَل فَلَا بُدّ لَهُ مِنْ جَوَاب .